يُعد الربو من أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في المملكة العربية السعودية،
وهو حالة التهابية تصيب مجاري الهواء وتؤدي إلى نوبات متكررة من السعال والصفير
وضيق التنفس. ويُظهر الوضع الصحي في المملكة أن معدلات الإصابة بالربو تُعد مرتفعة
مقارنة بالمتوسطات العالمية، خاصة بين الأطفال والمراهقين، حيث تشير الدراسات إلى
أن نسب الانتشار تتراوح بين 8% و25% حسب
المنطقة والفئة العمرية.
ترتبط هذه النسب العالية بعدة عوامل، أبرزها الظروف البيئية والمناخية التي
تتسم بها المملكة. فالعواصف الرملية وارتفاع مستويات الغبار والجسيمات الدقيقة في
الهواء من المحفزات القوية لنوبات الربو، خصوصًا في مناطق مثل الرياض والمنطقة
الشرقية. كما يسهم التلوث الهوائي الناتج عن عوادم المركبات والأنشطة الصناعية في
تفاقم أعراض المرض وارتفاع معدل الالتهابات في الجهاز التنفسي.
إضافة إلى ذلك، يلعب التدخين — سواء
المباشر أو السلبي — دورًا مهمًا في زيادة معدلات الإصابة وشدة الأعراض، مع وجود
تداعيات خاصة على الأطفال في البيئات المنزلية التي يتعرضون فيها للدخان. كما تزيد
الحساسية الموسمية، خاصة حساسية الأنف المصاحبة، من صعوبة السيطرة على الربو، ما
يجعل المريض عرضة لنوبات أكثر تكرارًا وحدة.
ومن الجوانب المؤثرة أيضًا قلة الوعي الصحي لدى بعض المرضى، حيث يسيء كثير
منهم استخدام بخاخات الربو، سواء بعدم الالتزام بالبخاخات الوقائية أو باستخدام
البخاخ الإسعافي فقط عند حدوث النوبة. وتنتشر كذلك مفاهيم خاطئة مثل الخوف من
“الإدمان” على البخاخ، ما يساهم في تدني معدلات السيطرة على المرض وارتفاع نسب
التنويم في المستشفيات.
على الجانب الإيجابي، قامت وزارة الصحة السعودية بخطوات مهمة لتحسين رعاية
مرضى الربو، من خلال إطلاق برامج للتثقيف الصحي، وإنشاء عيادات متخصصة للربو،
وتطبيق بروتوكولات علاجية موحدة تتوافق مع دليل المبادرة العالمية للربو (GINA). كما تنتشر الحملات التوعوية في المدارس والمجتمع لرفع
الوعي بالأعراض والمحفزات وطرق الوقاية.
ورغم التحسن الملحوظ، لا تزال هناك حاجة لتعزيز الجهود، خصوصًا في المدارس
التي ترتفع فيها معدلات الإصابة، ولزيادة تدريب الكوادر الصحية على الكشف المبكر.
كما يمكن للتكنولوجيا — مثل تطبيقات متابعة جودة الهواء والتنبيه بمواعيد الأدوية
— أن تساعد في تحسين التزام المرضى وخفض عدد النوبات.
ختامًا، يبقى الربو تحديًا صحيًا مهمًا في المملكة، لكنه قابل للسيطرة عبر
سياسات وقائية فعّالة، ووعي مجتمعي أفضل، ورعاية صحية مستمرة تسهم في تحسين جودة
حياة المصابين وتقليل مضاعفات المرض.
